تقييم الأمن المائي في المناطق التي تعاني من شح المياه

الدكتور زيد أحمد بطمان الشوابكة

دكتوراه محاسبة المياه

جامعة وايكاتو/نيوزيلندا

يُصنَف الوضع المائي في الأردن على أنه معقد وغير مستدام. يواجه الأردن طلبًا متزايدًا على المياه العذبة يتجاوز الكمية المتاحة؛ بالإضافة إلى ذلك، فإن موارد المياه السطحية والجوفية ملوثة. تعتمد الدولة بشكل كبير على موارد المياه العذبة الموجودة خارج حدودها من خلال تقاسم الأنهار وطبقات المياه الجوفية مع البلدان المجاورة. أدى تقاسم موارد المياه العذبة مع إسرائيل وسورية إلى عدم الاستقرار في الماضي. علاوة على ذلك، شهد الأردن موجات هائلة من اللاجئين بسبب الصراعات الحالية في البلدان المجاورة، مما يزيد من معاناة الأردن لتلبية احتياجات المياه العذبة المحلية.

في الخمسين عامًا الماضية، شهدت بعض أحواض المياه مثل حوض نهر الأردن الأدنى عملية تطوير سريعة وشاملة لمواردها المائية المحدودة. أدت هذه العملية إلى إغلاقها المستمر؛ لم يتبق تقريبًا أي مياه عذبة يمكن تعبئتها والاستفادة منها بينما يستمر الطلب في النمو، لا سيما في مدن مثل عمان والزرقاء ومادبا. على الرغم من الحاجة إلى مراعاة خيارات إدارة الطلب للتخفيف من أزمة المياه الأردنية، فإن إمكانات هذه الفرص تبدو غير كافية على المدى المتوسط​​؛ ونتيجة لذلك، من غير المرجح تلبية الطلب المتزايد للسكان واستدامة الزراعة بدون تدابير نمو العرض وأدوات إدارة القرارات المتعلقة بقطاع بالمياه، والتي ستعيد فتح الأحواض المغلقة.

للحفاظ على موارد المياه السطحية والجوفية وتحقيق الأمن المائي في الأردن، هنالك حاجة لتطوير نظام متكامل لإدارة المياه (IWRM) ، بما في ذلك السياسات والتشريعات المائية. الأهم من ذلك هو ضرورة تنفيذ سياسات المياه والأنظمة البيئية بشكل صحيح. يمكن إنجاز هذه المهمة من خلال نشر الوعي بين الناس، والحوكمة الرشيدة لقطاع المياه، والإرادة السياسية القوية من جانب صانعي القرار. يمثل الأمن المائي مصدر قلق كبير للمدن التي تعاني من ندرة المياه والتي تواجه تحديات مائية ديناميكية بسبب محدودية إمدادات المياه وتغير المناخ وزيادة الطلب على المياه. وفي هذا الصدد تظهر إحدى الدراسات المفيدة للغاية التي تتناول تأطير الأمن المائي للمناطق الحضرية في الأردن وهي دراسة أجريت في مدينة مادبا بالأردن بواسطة Aboelnga و El-Naser  و Ribbe و Frechen (2020).

يشكل تأطير الأمن المائي الحضري تحديًا بسبب عدم اليقين والتعقيد في التعريفات وأطر التقييم المتعلقة بالأمن المائي في المدن. قامت العديد من الدراسات بتقييم الأمن المائي من خلال منح مؤشرات ذات أولوية متساوية دون مراعاة الظروف المحلية أو التكيف معها. تطور هذه الدراسة إطارًا جديدًا لتقييم الأمن المائي في المناطق الحضرية مع تطبيقه على مدينة مادبا التي تعاني من ندرة المياه في الأردن. تطبق الدراسة إطار التقييم الجديد على منطقة الدراسة وتقيس الأمن المائي في المناطق الحضرية باستخدام مؤشر الأمن المائي الحضري المتكامل (IUWSI) وعملية التسلسل الهرمي التحليلي (AHP) كأداة لإدارة القرار لتحديد الأولويات والتمييز بين المؤشرات التي تؤثر على الجوانب الأربعة لـ الأمن المائي في المناطق الحضرية: مياه الشرب والنظم البيئية وتغير المناخ والأخطار المتعلقة بالمياه والجوانب الاجتماعية والاقتصادية (DECS). يركز مؤشر الأمن المائي الحضري المتكامل (IUWSI) على حالة الأمن المائي واستراتيجيات التدخل في مدينة مادبا. كشفت الدراسة أن الأمن المائي الحضري في مادبا مرضٍ لتلبية الاحتياجات الأساسية، مع وجود عيوب في بعض الجوانب التي تخص الأمن المائي في المناطق الحضرية (DECS). ومع ذلك ، فقد واجهت مادبا ضعف الأمن فيما يتعلق بإدارة المخاطر المتعلقة بالمناخ والمياه. يساعد إطار مؤشر الأمن المائي الحضري المتكامل (IUWSI) في عملية صنع القرار الرشيدة والقائمة على الأدلة، وهو أمر مهم لتحسين إدارة موارد المياه في المدن التي تعاني من ندرة المياه.