سؤالي هو: كيف يمكن مواجهة هذه التغيرات المناخية؟ وما هي السبل المناسبة لتقليل المخاطر التي تشكلها هذه الفيضانات على سبل العيش للمناطق التي شملتها؟ هل البنى التحتية الكلاسيكية المعروفة بالبنى التحتية الرمادية تستجيب للمتغيرات البيئية وآثارها، خاصة أنتم في الأردن لديكم تجربة غنية في أقلمة النظم القديمة مع البنى التحية المسماة بالخضراء أو الحلول القائمة على الطبيعة، تجربة خربة سمرا نموذجاً؟
:د. حازم الناصر يجيب
منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا عرضة عرضة أكثر من غيرها من مناطق العالم لتأثير التغير المناخي لان مناخها بشكل عام هش من حيث تذبذب الهطول المطري وقلة الموارد المائية وارتفاع درجات الحرارة وموجات الغبار وغيرها ولذلك فان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يجب أن تتوقع تراجعا في مياه الأمطار، والمزيد من الجفاف، والمزيد من درجات الحرارة العالية والفيضانات غير المعهودة وهو ما نشاهده حاليا من المغرب العربي الى إيران شرقاً. وطبعا كلما تقدم بنا الزمن، زادت الحرارة، وكانت الآثار الاخرى أقوى بما في ذلك نقص الغذاء في مناطق معينة كمنطقتنا وزيادته بمناطق أخرى ستنعم بمزيد من الهطول المطري. ولذلك لا بد للجهود العالمية ان تتظافر لمواجهة أسباب واثار التغير المناخي ومنها مؤتمر التغير المناخي الذي عقد بفرنسا قبل حوالي ٣ أعوام.
ولمواجهة التغير المناخي لا من اتباع سياسات بناء المنعة لمواجهة أثر التغير المناخي على قطاعات المياه وخاصة لمواجهة:
- ارتفاع معدلات درجات الحرارة التي تؤدي الى زيادة التبخر.
- نقصان الهطول المطري مما يؤدي الى نقصان تغذية الموارد المائية السطحية والجوفية.
- زيادة التباين والتذبذب في أنماط الهطول المطري الزماني والمكاني والذي أدى الى المزيد من التغيرات المتمثلة في شدة الجفاف وشدة الفيضانات.
وعلية فلا بد من العمل على مواجهة المحاور الثلاث أعلاه من خلال خطط طويلة الأمد لبناء المنعة من خلال المزيد من السدود وزيادة موارد المياه وإعادة الاستعمال ...الخ من خلال حزمة كبيرة من المشاريع الخضراء والرمادية. وبالأخص ضرورة تبني سياسات وأدوات جديدة لمواجهة اثر التغير المناخي، بالإضافة الى انشاء مراكز لأداره الازمات و تدريب للكوادر على هذه الأنماط من الكوارث وانشاء شبكة للإنذار المبكر والتعاون الإقليمي خاصة في مجال الارصاد الجوية واخيراً توعية المواطنين بخطورة هذه الكوارث، لا بل وادخالها في مناهجنا المدرسية.
وعندما نتحدث عن مشاريع بناء وزيادة المنعة لابد من الموائمة ما بين المشاريع والحلول المستمدة من الطبيعة او ما يسمى بمشاريع البنية التحتية الخضراء التي تؤدي الى استدامة الموارد المائية جنبا الى جنب مع المشاريع التقليدية او ما يسمى بالبنية التحتية الرمادية. ومن اهم المشاريع الخضراء زراعة الأشجار والحصاد المائي على المستوى المنزلي وحدائق أسطح المنازل وإعادة استخدام المياه العادمة للتشجير وغيرها والابتعاد عن الأنماط الزراعية التي لا تناسب بيئة منطقتنا. وكذلك المحافظة على ما هو متوفر من موارد مائية من التلوث واستخدام مياه الفيضانات لشحن المياه الجوفية كلما كان ذلك ممكنا من الناحية الفنية.
ولعال استخدام الطاقة المتجددة من رياح وشمسية وهيدرومائية في تشغيل محطات المياه وتنقية الصرف الصحي امثلة مناسبة لموائمة الأنظمة الخضراء مع الأنظمة الرمادية او التقليدية ولعل نموذج محطة تنقية الصرف الصحي- الخربة السمراء في الأردن نموذجا جيداً لهذا الترابط حيث تعمل المحطة بنسبة ٩٠٪ على الطاقة المتجددة ذاتيا وتخدم المحطة حوالي ٧٠٪ من سكان الأردن وتستخدم مياهها للزراعات الخضراء.