سؤال الصحفي وائل مجدي من وكالة الأنباء الروسية:

كيف ترى ازمة انخفاض منسوب البحر الميت؟....والى أي مدى قد يؤثر ذلك على الأردن؟.

وكما هو معلوم فان البحر الميت عبارة عن بحيرة مغلقة تصلها المياه بشكل رئيسي من نهر الأردن وروافده الأخرى الموجودة في دول الحوض مثل لبنان وسوريا والاردن وفلسطين بالإضافة الى اسرائيل. ونتيجة لتحويل مياه نهر الأردن من قبل إسرائيل عام ١٩٦٤ وما قامت به دول الحوض الأخرى من تطوير لمصادر المياه وبناء السدود وخاصة سوريا والأردن، فان المياه الجارية باتجاه البحر الميت أصبحت قليلة جداً. وللمقارنة فقط فان الجريان التاريخي باتجاه البحر الميت قبل تحويل مياهه من قبل إسرائيل وتطوير المصادر الأخرى بلغ حوالي ١.٣ مليار متر مكعب سنويا، في حين ان الجريان الحالي لا يتجاوز ٠.٢ مليار متر مكعب في أفضل السنيين الماطرة. هذا الوضع أدى الى هبوط مستمر في سطح البحر الميت وبحوالي ال المتر سنويا وبمجموع بلغ لغاية تاريخه حوالي ٣٥ م، أي ان سطح البحر الميت قد هبط من حوالي -٣٩٥ تحت سطح البحر عام ١٩٦٤ الى حوالي -٤٣٠ في الوقت الحالي. وهذا يعني انه اذا لم يتم اتخاذ اجراء لجلب مياه إضافية فان البحر الميت سيختفي تقريباً خلال الخمسين سنة القادمة وسيصبح بحيرة صغيرة جداً ضحلة ومالحة. عمل الأردن جاداً خلال السنوات الماضية لتنفيذ ما يسمى بمشروع ناقل البحرين وهو مشروع بيئي ومائي كبير والذي يهدف الى المحافظة على بيئة البحر الميت من النضوب وذلك من خلال جلب مياه إضافية من البحر الأحمر. ويتكون المشروع من خط ناقل بقطر ٢-٣ متر ومحطات ضخ بالإضافة الى محطة لتحلية المياه من خلال الاستفادة من الطاقة المولدة نتيجة فرق الارتفاع ما بين الحر الأحمر والبحر الميت وبواقع حوالي ٤٣٠ مت في فرق الارتفاع تنتج حوالي نصف احتياجات المشروع من الطاقة المتجددة. الا ان المشروع يتعرض للتأخير بين فترة وأخرى اما لأسباب مالية تمويلية او لأسباب سياسية نتيجة للواقع السياسي الصعب في المنطقة. تبلغ الكلفة الكلية للمرحلة الأولى من المشروع حوالي ١.٤ مليار دولار امريكي ويعتبر الأردن هذا المشروع مشروعاً استراتيجياً ولا بد من تنفيذه تحقيقاً للأهداف سابقة الذكر.

للبحر الميت أهمية كبيرة بالنسبة للأردن ودول الحوض، فهو يعتبر ارث تاريخي عالمي ذو قيمية دينية وبيئية وسياحية واقتصادي.  ففي حوض البحر الميت توجد اهم المواقع الدينية والتي تعتبر من اهم الموارد السياحية بالنسبة للأردن مثل موقع المغطس حيث تعمد السيد المسيح عليه السلام وهناك ايضاً أضرحة الصحابة ابي عبيدة عامر بن الجراح وعامر بن ابي وقاص وشرحبيل بن حسنة ومقام ابي ذر الغفاري كرمهم الله جميعاً.

 كما ويعتبر البحر الميت مقصدا للسياحة العربية والأجنبية للاستجمام وكذلك للعلاج من بعض الامراض الجلدية والتي تعتبر بالنسبة للأردن مورداً مالياً هاماً.

وتعتبر صناعات البوتاس والمبرومين والمغنيسيا التابعة لشركة البوتاس العربية من اهم موارد الحكومة الأردنية ومن انجح شركاتها.

أضف الى ذلك ان بيئة البحر الميت بيئة فريدة من نوعها محاطة بعدد كبير من التنوع البيئي وبحوض البحر الميت العديد من المحميات الطبيعية مثل محمية الموجب.

يتضح مما سبق ان البحر الميت مهم بالنسبة للأردن والمحافظة علية مصلحة وطنية عليا لا بل عالمية لأنه ارث تاريخي عالمي ولا يوجد بالعالم سوى بحر ميت واحد وهو اخفض واملح نقطة على سطح الرض والمحافظة علية واجب علينا جميعا.

د. حازم الناصر

رئيس ومؤسس منتدى الشرق الوسط للمياه

وزير المياه والزراعة سابقاً، الأردن

١٤/٨/٢٠١٩